يضاء والمعروفة تاريخيًا باسم بلاغراي[1] وبني زرقاء[2] وزاوية البيضاء[3] وبيضا ليتوريا[4]، وهي من المدن الرئيسية ورابع أكبر مدن ليبيا.[5][6][7] كانت مدينة البيضاء أحد العواصم الليبية في السابق،[8][9] وفي عهد المملكة الليبية كانت مقرًا للبرلمان الليبي وعدد من الوزارات ورئاسة الوزراء[10][11] والسفارة الأمريكية،[12][13] من عام 1963 حتي 1969. البيضاء عاصمة محافظة الجبل الأخضر وهي أكبر مدنها ومركزها الرئيسي والإداري، كما تعد ثاني كبرى مدن المنطقة الشرقية وأهمها بعد بنغازي.[14] مدينة البيضاء تسمى كذلك بـ "مدينة الثلوج" نظرًا لتساقط الثلوج عليها شتاءً، وهي معروفة بجوها المعتدل صيفًا، أما في الشتاء فإن شتاء مدينة البيضاء بارد وتعرف كذلك بـ "عروس الجبل الأخضر".[15]
كانت البيضاء تُعد لتكون عاصمة جديدة لليبيا في فترة نهاية الحكم الملكي،[16] حيث ضمت المباني الحكومية والإدارية مثل مجلس الوزراء ووزارة العدل، وكان سبب عدم إعلانها كعاصمة رسمية بمقتضي الدستور هو انتظار إكمال المباني بها،[17] إلا أن مقر العاصمة تغير بعد الإنقلاب العسكري الذي قاده معمر القذافي. البيضاء أيضاً كانت الشرارة الأولي للمطالبة بإسقاط حكم العقيد معمر القذافي في ثورة 17 فبراير.عرفت البيضاء في بدايات القرن الأول قبل الميلاد عند الاستيطان الإغريقي في شمال شرق ليبيا باسم بلاغراي وذكرت على خريطة اللوحة البويتينغرية (Tabula Peutingeriana) في القرن الثالث عشر، وفي العقد الخامس من القرن التاسع عشر عام 1840 تعرف بزاوية البيضاء في بدايات الحركة السنوسية، وفي العقد الخامس من القرن العشرين عام 1933 عند الاستعمار الإيطالي لليبيا تعرف بيضا ليتوريا (بالإيطالية: Beda Littoria)، وفي العقد السادس من القرن العشرين عام 1950 تعرف باسم البيضاء.[20]
وأقيمت زاوية البيضاء على آثار بلدة بلاغراي الإغريقية، وتميزت هذه الزاوية بلون طلائها الأبيض الناصع، علاوة على أنها كانت تقع على قمة مرتفعة، مما جعلها ظاهرة وواضحة للعيان، فسميت هذه المنطقة بالزاوية البيضاء. ومع مرور الزمن أصبح الناس ينطقونها بدون كلمة الزاوية، ومنذ ذلك الحين عرفت المدينة باسم البيضاء.[21] اعتبر السنوسيون زاوية البيضاء الزاوية الأم لحركتهم، وكان يسمونها أم الزوايا،[22] واتخذوا منها عاصمة سياسية ومقرًا لحكومتهم في العهد الملكي في ليبيا، إلا أنها لم تكن عاصمة بمقتضى الدستور، ومن ثم نقلت العاصمة إلى طرابلس عند الإنقلاب العسكري ضد الحكم الملكي.تأسست قديمًا عام 414 ق.م،[23] تحت اسم بلدة بلاغراي الإغريقية،[24] والتي كانت تابعة لمدينة قورينا، ومن أشهر أبنائها في تلك الفترة الأسقف سينيوس. وفى سنة 22 هـ، اتجه القائد عمرو بن العاص بعد أن فتح الإسكندرية غربًا نحو بلاد إنطابلس، فلم يجد مقاومة تذكر من سكانها الذين صالحوه على دفع جزية قدرها ثلاثة عشر ألف دينار سنويا، وأصبحت بلاد إنطابلس (برقة).
تأسست بالمدينة أول زاوية دينية سنوسية في ليبيا وأفريقيا في عام 1843م، وكانت تعرف بأم الزوايا وقد أقامها محمد بن علي السنوسي في مدينة البيضاء في منطقة الزاوية القديمة، كما تواجد بها البرلمان الليبي في فترة الحكم الملكي. عرفت البيضاء أيضًا بتاريخها في الجهاد ضد الاحتلال الإيطالي، وتعتبر من أكبر المدن الليبية التي قدمت المجاهدين، وتعتبر آخر معاقل الجهاد في ليبيا والمدينة الوحيدة في ليبيا التي لم تتمكن إيطاليا من احتلالها بالمعني المفهوم، وبقيت المدينة تحافظ على استقلالها لشراسة المقاومة فيها، حيث اعتبرت معقلا للمجاهدين ورأس حربة لهم، مع أن المدينة تمثل موقعا استراتيجيا فإن الإيطاليون تراجعوا عن احتلالها لفداحة الخسائر المحتملة.[22][25] اتخذها إرفين رومل مركزا له خلال الحرب العالمية الثانية،[22] وكان يسكن في بيت يعرف الآن بقصر الضيافة، كما اتخذ من كهف رومل بمنطقة الغريقة البيضاء مقرًا لقيادته العسكرية. كما اتَّخَذت إيطاليا من البيضاء مقرًا لإمداد الفيلق الأفريقي الألماني.[26]
كما أنطلقت منها البيضاء شرارة أول مظاهرة بليبيا يوم 16 فبراير تطالب بإسقاط نظام حكم معمر القذافي، وسقط فيها أولى قتل ثورة 17 فبراير، ونشب بها أول نزاع مسلح بين الثوار الليبيين وكتائب القذافي، وتعتبر البيضاء أيضاً أول مدينة تخرج عن سيطرة القذافي."المستشار مصطفي عبد الجليل" رئيس المجلس المحلي المؤقت لمدينة البيضاء وهو أيضاً ممثل مدينة في البيضاء في المجلس الوطني الانتقالي المؤقت،[27][28] ونائب رئيس المجلس المحلي المؤقت لمدينة البيضاء فهو "محمد الدرناوي" وهو القائم باعمال رئيس المجلس المحلي المؤقت، نظراً لانشغال مصطفي عبد الجليل برئاسة المجلس الوطني الانتقالي، ويتبع هذا المجلس لجان : اللجنة الأمنية ـ لجنة الخدمات ـ اللجنة الإعلامية ـ اللجنة القانونية والإجتماعية ـ إدارة الأزمة، ويعتبر هذا المجلس المحلي للمدينة هو عبارة عن مجلس محلي مؤقت لحين تشكيل حكومة في ليبيا.تتنوع التركيبة العرقية للسكان في مدينة البيضاء لتشمل إلى نوعين : عرب، قريت (يونانيون). يمثل العرب النسبة الأكبر، بينما يمثل القريت الأقلية بالنسبة للعرب. ينتمي العرب إلى عدد من قبائل برقة، والتي كانت ترتكز في مدينة البيضاء،[30] مثل: البراعصة والحاسة والدرساء والعبيدات والمسامير وأولاد أحمد (حمد)، وغيرهم كالعوامه والسعيط والقطعان والحسانة. إضافة إلى عدد من أبناء قبائل مدينة مصراته وقبائل مدينة درنه.[31]
تضم المدينة نسبة كبيرة من العرب من المصريين والسودانيين والسوريين والعراقيين. كما توجد أعداد من الأجانب في المدينة منهم البولنديين والباكستانيين والإيطاليين والصينيين والأتراك. إضافةً إلى أعداد من الأفارقة وبعض اليهود الذين أسلموا بعد التصادم الذي شهدته ليبيا بين سكانها من المسلمين واليهود في 3 تشرين الثاني (نوفمبر) 1945تجاور مدينة البيضاء العديد من الأودية والغابات، التي لا تتواجد في باقي مدن الجبل الأخضر. تحتوي تلك الغابات على أشجار الصنوبر والخروب ونبات الزعتر وزعرور المعروف باسم البطوم في ليبيا، والشماري والتيه وعشبة الخلعة وإكليل الجبل، والكثير من الأعشاب الطبية، وهي تتشابه في ذلك مع الغابات اليونانية والإيطالية. كما تشتهر بجودة أنواع العسل نظرًا لغزارة الأعشاب بها.[36]
تقع البيضاء في هضبة الجبل الأخضر الواقعة شمال شرق ليبيا على ارتفاع يبلغ حوالي 2047 قدماً (624 مترًا) عن سطح البحر.[37] البيضاء تعتبر من أفضل المدن الليبية من ناحية الطبيعة والمناخ،[15] حيث يعتبر مناخها معتدل الحرارة والمائل إلى البرودة في فصل الشتاء، ويبلغ معدل سقوط الأمطار فيه حوالى 400 ملم سنويًا.
عرض لعسل الجبل الأخضر بالقرب من البيضاء
تتمتع البيضاء بتنوع نباتي ممتاز، والتي اكتسب منه الجبل الأخضر اسمه، حيث يضم نباتات وأشجار العرعر والبطوم والشماري والصنوبر والخروب والبربش والزيتون والسرو والبلوط، إلى جانب كم من الأشجار المثمرة كأشجار التفاح والكروم واللوزيات وغيرها من الفواكه، والتي يقدر عددها بحوالى أربعة ملايين شجرة، هذا إلى جانب العديد من الأعشاب والنباتات الطبية النادرة التي تغذيها شبكة من عيون المياه الطبيعية المنتشرة في أغلب مناطق الجبل، حيث يعد الجبل من أخصب مناطق الشمال الأفريقي.[38]
يوفر هذا الغطاء النباتى بيئة مناسبة لعيش مجموعات من الطيور والحيوانات البرية المختلفة التي تتعدد أنواعها وفصائلها في المنطقة. كما يعد هذا الغطاء النباتى بأزهاره مركزًا لإنتاج عسل النحل حيث يشتهر الجبل الأخضر بإنتاج أجود أنواع العسل من الزعتر ونبات السدر، إلى جانب نوع من العسل يستخرج من نبات الشمارى الذي يزهر في شهرى كانون ديسمبر ويناير، والذي يعرف بالعسل المر الذي تشتهر بإنتاجه منطقة وادي الكوف، والذي ثبت أنه مفيد لعلاج أمراض الكبد، كما يتناوله مرضى السكر لأنه لا يرفع نسبة السكر في الدم.[39].
[عدل]موقع المدينة
تقع مدينة البيضاء في شمال شرق ليبيا أعلى قمة الجبل الأخضر عند التقاء خط العرض 21.44 شمالاً مع خط الطول 32.76 شرقًا.[37] تحدها من الشرق مدينة قورينا، ومن الغرب قرية مسة، وجنوبًا قرية أسلنطة، ومن الشمال غابات الوسيطة، مما يجعلها تتوسط الجبل الأخضر.
نظرًا لتوسط موقع المدينة بين محافظات درنه، والمرج، والقبة، وبنغازي؛ وموقعها في منتصف الجبل الأخضر، أصبحت عقدة حضرية ذات طابع تجاري ومركز تسوق للمدن والقرى المجاوره لها، كما تتمتع بأهمية سياحية لقربها بالعديد من الأماكن الآثرية مثل قورينا وأبولونيا وثيودورياس وبتوليمايس، إضافة إلى بلدة بلاغراي الموجودة بها. قربها من البحر بحوالي 20 كم وإحاطتها بالغابات، جعل منها مدينة سياحية تمتلك مقومات ذات درجة عالية.